«رمضان».. شهر الطاعات والعمل الصالح
رمضان.. ذلك الشهر العظيم الذي ينتظره المسلمون بشغف ولهفة، وينتظره المؤمنون بشوقٍ؛ لاستقبال أغلى الشهور على قلوبهم..
إنه شهر الخير والرحمة، شهر النقاء والعفة، شهر الطهر والصفاء.. فيه تصفو القلوب، وتسمو النفوس، وترقى الأرواح.
كيف يكون الناس في رمضان؟
والناس فيه صنفان:
صنف يستقبل رمضان بالموائد والمطاعم والمشارب، يقضي معظم النهار نائمًا، ويقطع معظم ليله هائمًا.
والصنف الثاني يستقبل رمضان بالعودة إلى الله والتوبة والاستغفار وترك ما نهى الله عنه من العصيان لا سيما في شهر الرحمة والغفران والعتق من النيران..
والخسران العظيم أن نخرج من رمضان ولم نزدد فيه حسنة، ولم نرقى فيه عند الله درجة، والفائز والرابح بإذن الله هو من صام امتثالًا لأمر الله ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى فتكون المكافأة كبيرة والعطية جزيلة.
فكان من الواجب استقبال الخير والإحسان بالخير والإحسان، بهجر المنكرات، وترك الموبقات وعلينا بصلة الأرحام وبر الوالدين فإنها ترضي الرحمن وتدخل بها الجنان برفقة المصطفى العدنان.
تأثير الشهر الفضيل على الأجيال
شهر رمضان المبارك يُعلّم الأجيال القديمة والشابة على حد سواء أساسيات أن تكون إنسانًا صالحًا، وأن الاهتمام الذي يحظى به دينهم لجميع الأشخاص في المجتمع، لا تفرقة بينهم.
ومن الخصائص الهامة هي الامتنان.. إنه شعور بالسعادة والشكر على كل الأشياء التي أعطانا الله إياها وباركنا بها. الرضا عما يميل الناس غالبًا إلى نسيانه أو اعتباره أمرًا مفروغًا منه سواء كان روحيًا أو ماديًا.
الصيام معجزة علمية
وتجدر الإشارة إلى أن رمضان ليس فقط تطهيرًا روحيًا ولكن أيضًا الصيام فيه العديد من الفوائد الصحية للجسم وقد أثبت علميًا، هو شهر الأعمال الصالحة والانضباط الذاتي والحب والصبر والتعاطف والرحمة.
فضائل شهر رمضان
إن أعظم ما في شهر رمضان هو اقتران العبادات فيه بالأعمال، وهما يجتمعان في القيمة الروحية، والتعبدية، والممارسة الإيمانية الخالصة التي لا يجزي عليها إلا الله وحده، فالعمل لغة أهل القرآن وهو جزء من الإيمان، فلا نجد آية فيها عمل إلا ويتبعها أو يوافقها مفهوم الإيمان بالله كقوله تعالى: "بَشِّرْ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ".
وأعظم ما اقترن به شهر رمضان المبارك، بأن القرآن الكريم نزل فيه، قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}، والمقصود بالنزول هنا هو نزوله الأول من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا وذلك كان في ليلة واحدة، قال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ}؛ وهي ليلة القدر، قال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ}.
ووجب التنويه على أن قراءة القرآن هي التجارة الرابحة، وذلك في جميع الدُّهور، وعلى مدى الأيام والشهور؛ لكنَّ لها في رمضان شأنًا أعظم وأكد؛ فإن النبيَّ، صلى الله عليه وسلم، كانت تزيد عنايته بالقرآن في رمضان.
وقد منّ الله تعالى على المسلمين بتفضيل بعض الأوقات على غيرها وبدعوتهم فيها للتقرّب منه والتزلّف إليه، تهذيبًا لنفوسهم، وتطهيرًا لقلوبهم؛ فيبقى العبد طاهرَ القلب نقيَّ النفس، فينال أعظم غاية؛ رضى الله سبحانه والفوز بمحبته، كما جاء عن عبد الله بن عمرو، قال: قيل لرسول الله، صلى الله عليه وسلم،: أي الناس أفضل؟ قال: «كل مخموم القلب، صدوق اللسان»، قالوا: صدوق اللسان، نعرفه، فما مخموم القلب؟ قال: «هو التقي النقي، لا إثم فيه، ولا بغي، ولا غلّ، ولا حسد» [أخرجه ابن ماجه، وإسناده صحيح].
في الصيام حكم وفوائد كثيرة، مدارها على التقوى، فالصيام يؤدي إلى قهـر الشيطان، وكسر الشهوة، وحفظ الجوارح، ويربي الإرادة على اجتناب الهوى وفيه كذلك اعتياد النظام، ودقة المواعيد.
ولهذه الغاية العظمى جعل الله جل شأنه في كل وقت فرصةَ زيادة تقرب من عباده إليه، فآخر الليل هو خير اليوم، ويوم الجمعة خير أيام الأسبوع، وفي السنة جعل شهر رمضان خير الشهور؛ فمن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه، وفي العمر كله حج بيته، فمن حج فلم يرفث ولم يفسق عاد كيوم ولدته أمه، وفي رمضان جعل خيره آخره، وجعل فيه خير الليالي على الإطلاق وهي ليلة القدر، وتأكيدًا على قدْر تزكية النفوس في العبادات التي شرعها الله تعالى، نرى أنّ الله سبحانه جعل الغاية الكبرى من الصيام (التقوى)، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.
من قبل مواقع إلكترونية.