سيكولوجيا الحرب.. وتأثيرها على الأطفال
Mar 19 2024 / الكاتبة/ إسراء خالد

سيكولوجيا الحرب.. وتأثيرها على الأطفال

تولِّد الحروب والنزاعات دمارًا يطال البنيان، والإنسان بالقتل والإصابات الجسدية، ويتعدى ذلك إلى صدمات نفسية من هول ما يراه الفرد ويعيشه فيدخل البعض في حالة من الذهول وفقدان القدرة على استيعاب ما يجري حولهم وإنكاره، وقد يعيش من ينجو في جحيم الآثار النفسية للحروب وما تخلفه من جروح نفسية عميقة وذكريات مؤلمة.

تخلف الحروب جروحًا عميقة في النفس وذكريات تؤرق الفرد فترات طويلة، وبالرغم من أن التعافي من الصدمة قد لا يكون سهلًا لدى البعض إلا أنه يمكن أن يتحقق، فمع المداومة على العلاج النفسي والتحلي بالصبر يستطيع الشخص تخطي هذه المحنة والعودة إلى ممارسة حياته الطبيعية.

كيف تؤثر الحروب على الصحة النفسية؟
إن ما يعيشه الأشخاص في ظل اشتعال الحروب من تهديد بالموت، والتعرض للإصابات الجسدية والعنف، وفقدان الأهل، وتدمير المنازل والممتلكات وصولًا إلى التهجير والعيش في ظروف قاسية يعرضهم للإصابة بصدمة نفسية أو صدمة الحرب.
لا يقتصر الأمر على المدنيين حيث تطال هذه الصدمات والآثار النفسية للحروب الجنود لما يشهدونه من الموت الجماعي والدمار.

ما هي صدمة الحرب؟
تعرف الصدمة النفسية أو صدمة الحرب بأنها الاستجابة العاطفية التي تحدث بعد التعرض مباشرة لأحداث مؤلمة تفوق قدرة الشخص على تحملها وتُفقِده الشعور بالأمان فيسيطر عليه العجز وقلة الحيلة ويصاب بحالة من الذهول وإنكار ما يحدث، وقد يظهر ذلك في صورة خوف وذعر، وقلق، وكذلك الارتباك وصعوبة التركيز، وربما الغضب أو الشعور بالذنب.
يمكن أن تصيب صدمة الحرب الأطفال، والكبار، وتختلف القدرة على استيعاب الأحداث الصادمة من شخص لآخر فالبعض يستطيع تجاوز الأمر مع الوقت، بينما يعاني آخرون من الآثار النفسية للحروب فترة طويلة ويصابون باضطرابات نفسية مزمنة.


مَن هم المعرضون لخطر الإصابة بصدمة الحرب؟
يعد الأشخاص الذين عاشوا الحرب، أو كانوا شاهدين على الأحداث المؤلمة من قتل وإصابات عرضة للإصابة بصدمات نفسية، وكذلك من خاضوا الحرب مباشرة أو أعطوا الأوامر بإلحاق الأذى بالآخرين.
تتضمن الأحداث التي قد تؤدي إلى الإصابة بصدمة الحرب ما يلي:
-التعرض للقصف أو إطلاق نار.
-التهجير القسري.
-التعرض للضرب أو التعذيب أو الاغتصاب.
-فقدان أحد أفراد الأسرة.
-الاحتجاز في مكان ما.
-مشاهدة أحداث العنف.
-عدم القدرة على الحصول على موارد الحياة الأساسية، مثل الغذاء والماء.


ما علامات صدمة الحرب؟
تؤثر صدمة الحرب على حالة الفرد النفسية وصحته الجسدية فمع التوتر الشديد والضغط النفسي يصاب العقل والجسم بالتعب والإرهاق.
ومن أبرز أعراض الصدمة والآثار النفسية للحروب التي قد تظهر على الشخص ما يلي:
-إنكار ما يحدث حوله.
-صعوبة السيطرة على المشاعر وعدم القدرة على التحكم في ردود الفعل.
-الغضب وسهولة الانفعال.
-فرط اليقظة حيث يصبح الجسم في حالة من التأهب لمواجهة أي خطر.
-الارتباك والقلق.
-الإحساس بالحزن الشديد واليأس.
-الشعور بالعجز والذنب ولوم النفس.
يصاحب صدمة الحرب أيضًا علامات جسدية، مثل:
-صعوبة التركيز.
-سرعة ضربات القلب.
-التعرق.
-الشد العضلي.
-الآلام والأوجاع الجسدية.
-الصداع.
-اضطراب الجهاز الهضمي.
-الأرق والمعاناة من الكوابيس.

الأضرار النفسية للحرب على الأطفال
يعد الأطفال أكثر عرضة للإصابة بصدمات نفسية جراء الحروب وما يتبعها من اضطرابات نفسية، فالطفل لا يزال في مرحلة النمو والتطور العاطفي والجسدي والسلوكي، وقد يؤدي تعرضه للتوتر الشديد والخوف من هول الأحداث في الحروب إلى التأثير على التطور الطبيعي للمخ والذي بدوره يؤثر على صحة الطفل النفسية والبدنية، كما قد يواجه صعوبة الاندماج في المجتمع.

كيفية التعامل مع تبعات الحرب النفسية
تعد أول خطوة في التعامل مع الصدمة والآثار النفسية للحروب هي الخضوع للعلاج النفسي الذي يساهم في تخفيف حدة الأعراض لدى الشخص، ويقلل من احتمالية تطور الأمر للإصابة باضطرابات نفسية.
يتبع الطبيب في العلاج النفسي أساليب مختلفة للتخفيف من حدة الألم النفسي الذي يسيطر على الشخص، وتعليمه كيفية التعامل مع الذكريات المؤلمة التي مر بها دون الشعور بالقلق أو الذعر.
هناك بعض الطرق أيضًا التي قد تفيد في تخفيف وقع الأحداث الصادمة والتعامل مع الذكريات المؤلمة، مثل:
-الاختلاط بالآخرين وتجنب البقاء وحيدًا.
-الانخراط في الحياة الاجتماعية ومحاولة العودة للممارسة الحياة الطبيعية قدر الإمكان.
-التطوع والمشاركة في الأعمال الخيرية.
-التحدث مع الأصدقاء والتعبير عن المشاعر السلبية.
-المشاركة في الأنشطة الترفيهية والممتعة خاصة للأطفال.
-محاولة اتباع نمط حياة صحي.
-الانضمام لمجموعات الدعم النفسي.

التفسير النفسي للحروب لدى الأطفال
يتفق الأطباء والاختصاصيون النفسيون على أن معالجة الصدمات التي تسببها الحروب تكون أصعب لدى الأطفال، لأنهم لا يستطيعون التعبير عن أنفسهم بسهولة الكبار، ولا يمكنهم فهم المعنى أو المغزى وراء الفظائع التي يشهدونها، ولأن الأطفال المصابين بالصدمة لا يستطيعون التعبير عن مشاعرهم في كلمات، فهم يلجأون إلى طرق مختلفة للتعبير تتبدى في مسلكهم بشكل أساسي. فقد تظهر الأعراض في صورة حركة زائدة عن الحد، أو تصرفات عدوانية، أو عدم القدرة على التركيز، أو بكاء بلا مبرر، أو كبت تام وفقدان القدرة على الكلام.
تختلف مظاهر الصدمة بحسب شخصية الطفل، وعمره، ونوع الصدمة التي مر بها، غير أن أكثر الأعراض شيوعًا هو عجز الطفل عن الكلام عن الصدمة التي تعرض لها.

 

من قبل ويب طب.