«الضاد».. لغة الحضارة والسلام
تتمثّل الغاية من هذا المقال في إبراز الدور التاريخي الذي تضطلع به اللغة العربية كأداة لاستحداث المعارف وتناقلها، فضلًا عن كونها وسيلة للارتقاء بالحوار وإرساء أسس السلام.
دور اللغة العربية في التواصل الحضاري
تمتد أهمية اللغة العربية إلى العلاقة الوطيدة بين الثقافات المختلفة بالشعوب والأمم، فهي وسيلة التواصل بينهم، وهي التي تعبر عن تفكير الأمم والوسيلة الأولى في نشر ثقافات الأمم المختلفة حول العالم، والتواصل بين المجموعات البشرية لم ينقطع على مر الزمن، ولكنه في العصر الحاضر أكثر وأعرض وأعمق، وذلك بفضل ما توصلت له الحضارة من أسباب التقدم والرقي.
كانت اللغة العربية على مرّ القرون الركيزة المشتركة وحلقة الوصل التي تجسّد ثراء الوجود الإنساني وتتيح الانتفاع بالعديد من الموارد.
ظلت اللغة العربية لغة القرآن قرونًا عديدة محتفظة بالعلم والأدب، ثم استعملت الأمم الأعجمية لغات إسلامية شاركت العربية في الشعر والنثر، وبقيت اللغة العربية لغة العلوم الدينية والعقلية قرونًا كثيرة بعد نشوء تلك اللغات، حيث شكلت جهود الشعوب التي دخلت في الإسلام الأسس المتينة التي بنيت عليها الحضارة الإسلامية، إذ دخلتها هذه الشعوب حاملة معها عناصر حضارتها المحلية وكثيرًا من مكنوناتها الفكرية والثقافية.
تحتل اللغة العربية المكان البارز في تفكير العرب وثقافتهم وتعيش نهضة عصرية جديدة، وإنها لقادرة على استيعاب المصطلحات العلمية وتمثيلها، وقد أخذت الجامعات في الأقطار العربية تهتم بتطوير اللغة لاستيعاب مصطلحات العلوم والفنون والصناعات والتكنولوجيا الحديثة.
وسادت اللغة العربية لقرون طويلة من تاريخها بوصفها لغة السياسة والعلم والأدب، فأثرت تأثيرًا مباشرًا أو غير مباشر في كثير من اللغات الأخرى في العالم الإسلامي، مثل: التركية والفارسية والكردية والأوردية والماليزية والإندونيسية والألبانية وبعض اللغات الإفريقية الأخرى مثل الهاوسا والسواحيلية، وبعض اللغات الأوروبية وخاصة المتوسطية منها، كالإسبانية والبرتغالية والمالطية والصقلية.
ويأتي قبل ذلك كله كون اللغة العربية لغة مقدسة ومحفوظة، إذ هى لغة القرآن الكريم الخالد المحفوظ بحفظ الله تعالى له:
{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}، وهي لغة أهل الجنة، وليس بعد ذلك من حفظ وتقديس وشرف لا ترقى إليه أى لغة أخرى مهما انتشرت أو حاوول أصحابها نشرها او فرضها على العالم طوعا أو كرها.