ما المُناسب لطفلك.. تعلم الفُصحى أم العامية؟
تنقسم اللُغة العربية إلى نوعين: الفصحى والعامية، ودائمًا ما يسعى الآباء نحو تعليم أولادهم اللُغة العربية، فيتساءلون: أيهما أفضل لطفلي؟ هل تعلم العربية الفصحى أم اللهجة العامية؟ وفي هذا المقال سوف نتطرق إلى الإجابة عن تلك الأسئلة..
إن اللُغة العربية الفُصحى لُغة قديمة للغاية، إذ يعود تاريخها إلى ما يقرب 600 ميلادي، ومع ذلك لا يزال المسلمون حريصون على تعلم لُغة القرآن لممارسة عباداتهم، كتلاوة القرآن الكريم وأداء الصلاة وغيرها، فإن تعلم الفصحى هي وسيلة لارتباط الطفل بشعائر دينه حيث إن اللُغة العربية لُغة القرآن الكريم، فيجب علينا تعلم الفُصحى ومخارجها الصحيحة؛ لحفظ وقراءة وتدبر وفهم القرآن، وتعاليم الدين، وأحكام الشرع بحيث يكون فهمه وتذوقه للنص الديني سليمًا حتى ولو لم يتقن تمامًا القواعد النحوية والصرفية المتعلقة، كما أن الابتعاد عن اللُغة الفُصحى سوف يحرم طفلك من فهم وتذوق جُلّ إنتاج الأدب العربي مثل: الأدب الأموي والعباسي والأندلسي وخلافه ومنها الكثير الذي يذخر به الأدب العربي.
قد لا يستخدم الناس هذه اللُغة بنفس الشكل في حياتهم العادية، أو في محادثاتهم اليومية، أو في كتاباتهم الرسمية وغير الرسمية، لذا فإن لُغة المحادثات اليومية هي اللُغة العربية العامية، وتختلف هذه اللُغة من دولة إلى أخرى، كما يتميز كل بلدٍ عربي بلهجته الخاصة.
ومع ظهور المَنصات الرقمية ومنصات التواصل الاجتماعي، ازداد التوجه نحو استخدام لغة عربية أسهل وأبسط لتلائم مستخدمي هذه القنوات، وأغلبهم من الشباب وأصبح مطلوبًا من محرري هذه القنوات أن يستخدموا لغة سلسة وسهلة مع الحفاظ على سلامة اللغة.. مما سبق يُوضِّح أن إهمال تعليم الفُصحى كليًا يجعل طفلك بأن يفقد تدريجيًا فرصة التواصل مع روابط دينية وثقافية مهمة في تشكيل وعيه بهويته.. إلا أنه بالمثل فإن اللجوء إلى لغة جامدة وغير مستخدمة من شأنه أن يصرف الطفل عن اللغة العربية تمامًا.. وكيف لا وهو في مرحلة يتوق فيها لفهم ما حوله.
ولكنه في حقيقة الأمر، هناك خيار ثالث، ألا وهو اللُغة العربية الفصحى الحديثة فهي اللُغة الرسمية في العديد من الدول العربية، والمستخدمة في مراسلات الدوائر الحكومية، وفي التعليم، والمدارس، وكتابة الأعمال الأدبية، وهي لُغة الإعلام المرئي والصوتي كالإذاعة والتلفزيون ولُغة الجرائد والمجلات والمواقع الإلكترونية.
إن اللُغة العربية الفصحى الحديثة هي أحد أشكال اللُغة العربية، وهي لُغة تطورت وقامت على أُسس اللُغة الفصحى الكلاسيكية أي لُغة القرآن الكريم والأدب الإسلامي المُبكر.. تتميز اللُغة العربية الفصحى الحديثة بأنها إحدى اللغات الرسمية الست في الأمم المتحدة، ولُغة رسمية أو لُغة رسمية مشاركة للعديد من الدول العربية مثل: آسيا، وشمال، أفريقيا خاصةً.
إنها الجسر الذي يسمح لهذه الدول والشعوب بالتواصل، وتُستخدم على المنابر السياسية والخطابية، وفي المراسلات الرسمية والمحاضرات، كما تُستخدم على نطاقٍ واسعٍ في التلفاز والإذاعة والصحف والأدب، والخُطب الدينية، ووسائل الإعلام الخاصة بالأطفال.
وبذلك يُعد تعلم اللُغة الفصحى الحديثة خيارًا صائبًا للبدء في عملية تعلم اللُغة العربية.. بها يَتسنَّى للمرء مواكبة الأحداث الجارية والأخبار الحية، والتعرف على الثقافة العربية القديمة والمعاصرة.. كما يَسهل تعلم اللُغة العربية الفصحى الحديثة لوجود كم كبير من الكتب والوسائل المتعددة بهذه اللُغة، فضلًا عن دروس اللُغة العربية أونلاين.
ومن مزايا تعلم اللُغة الفصحى الحديثة أنها مدخلٌ إلى اللُغة العربية العامية؛ إذ تساعد في تعلم القواعد النحوية والصوتية اللازمة لأي لهجة محكية وبها يمكن التواصل مع الآخرين لقضاء الحاجات في أي بلد عربي في العالم، وبغض النظر عن اللهجة العامية المحكية.
كيف أبدأ بتعليم طفلي اللغة العربية؟
أثبتت الأبحاث أن تعلم الأطفال لأي لغة يمر بثلاثة مراحل ثابتة:
1- تبين الأصوات
يقول الخبراء إن عدد هذه الأصوات في حدود المائة وخمسين صوتًا، ولكن ما تحتاجه أي لغة لا يزيد عن ثلث هذه الأصوات.. يبدأ الطفل في تبين الأصوات، ولعل أفضل ما يمكنك تقديمه هو تكثيف هذا الاكتشاف اللغوي لطفلك من خلال التحدث وتشجيعه على تكرار الأصوات. تحدث مع طفلك لخلق حوار، تنتظره ليرد عليك وحبذا لو وجّه لك مزيدًا من الأسئلة.
بانتهاء هذه المرحلة سيتمكن الطفل من تحديد الأصوات التي ألفها ويحتاجها لتكوين كلماته.
2- تعلم الكلمات
في هذه المرحلة، يبدأ الطفل في تعلم بعض الكلمات وربطها بأشخاص أو أحداث ما، مثل: الأكل واللعب وغيره.
تذكر أن نطق الطفل للكلمات يعتمد على معرفته للأصوات وهو ما اكتسبه في المرحلة السابقة ما يميز هذه المرحلة، هو قدرة الطفل على تقنين الكلمات ومعرفة أين تبدأ الكلمة نطقًا وأين تنتهي.
فيما يأتي يبدأ الطفل في ربط الكلمات بالمعاني أكثر وأكثر. يُنصح في هذه الفترة بالتركيز على زيادة المصطلحات اللُغوية حتى يمكنه ربط المعاني بمزيد من المترادفات.
3- تعلم الجمل
هي المرحلة التي يبدأ الطفل من خلالها في تكوين الجمل بشكل سليم فيقول مثلًا: "أريد عصيرًا" وليس "عصيرًا أريد".. مما يعني توافق منطقه مع صحة التكوين اللغوي، فإن سمع جملة خطأ أيقن ذلك دون الاحتياج لمعرفة القاعدة اللغوية بالضرورة، ولدعم هذه المرحلة، يُنصح بالتركيز على دعم عادات التحدث السليمة وإعطاء طفلك القدرة على التعبير عن نفسه وتكوين مواضيع أكثر صعوبة وكذلك سؤاله العديد من الأسئلة لدعم استمرارية الحوار.
المصدر: مواقع إلكترونية.