استعمال اللغة الوسيطة في تعليم اللغة العربية بين الضرورة والواقع (1)
إن استعمال اللغة الوسيطة في تدريس غير الناطقين باللغة العربية يعد تحديًا، من حيث ضرورته داخل الدرس، ومن حيث واقع التدريس نفسه، فبعض المعلمين على قول بضرورة استعمال اللغة الوسيطة في قاعات تدريس غير الناطقين باللغة العربية، باعتبارها الطريقة الأوفر والأسهل في إفهامهم اللغة، وغالبية المعلمين من أصحاب الخبرات على ضرورة التخلي عن استعمال اللغة الوسيطة، والالتزام باستعمال اللغة العربية.
دعونا في البداية نقرر نقطتين فاصلتين في هذا الحديث، من خلال السؤال الآتي:
- هل استعمال اللغة الوسيطة ضرورة مع طلاب اللغة العربية أم مع طلاب القرآن الكريم والتجويد؟
وللجواب عن هذا السؤال نقرر من خلال التجربة أن الطلاب الذين يريدون دراسة القرآن والتجويد لا يحتاجون أصلا لاستعمال اللغة العربية، وبالتالي من لوازم معلم القرآن الكريم والتجويد للطلاب في المرحلة الأولى من تعلم القراءة أو ما يفيد في إتقانهم تلاوة القرآن حسب قواعد علم التجويد، أن يكون المعلم متقنا – ليس فقط على دراية– بل متقنًا لقواعد اللغة الوسيطة، وأن يكون ناطقًا بها باعتبارها لغة ثانية، أو ما يمكن أن نعبر عنه باستخدام كلمة (Native).
ولكن يجب مراعاة أن طالب القرآن في مراحله الأولى، والتي نقصد بها أن الطالب لا يتخطى رواية حفص عن عاصم، وبدأ الطالب يرتقي إلى دراسة رواية الإمام شعبة عن عاصم، ومنها يعرج إلى باقي القراءات، عليه أن يتعلم شيئًا من اللغة العربية، وأن يكون في مستوى ناطق بها، لأنه بعد قليل قد يدرس توجيه القراءات، فيحتاج عندها أن يفهم قواعد النحو واللغة، فكيف يدرس مثلا قاعدة توجيه القراءات في قوله تعالى: "فلا رفثَ ولا فسوقَ ولا جدالَ"، بنصب الكلمات الثلاث مرة، وبرفعها مرة، وبنصب بعضها ورفع بعضها مرة!
وكيف عليه أن يفهم توجيه القراءات في قوله تعالى: "وحسبوا ألا تكونَ..." برفع (تكون) عند الكسائي وابن عامر وحمزة، وبنصبها عند بقية القراء!
أما عن معلم اللغة العربية، ففي ذلك حديث آخر في المقال التالي إن شاء الله.