المهارات الناعمة
زاد الطلب كثيرًا على المهارات الناعمة في السنوات الماضية، وذلك لأن آلية التوظيف وطبيعة الأعمال تبدلت
كثيرًا، فسابقًا كان يتم البحث عن أصحاب المهارات الصلبة أو الذين يجمعون بينها وبعض المهارات الناعمة.
ولكن حاليًا هناك ميل كبير لاعتماد أصحاب المهارات الناعمة لأن الأخرى يمكن تعلمها وبسهولة لاحقًا، فالمهارات
الصلبة هي التي يتم اكتسابها بالخبرة
من التعليم وبرامج التدريب الخاصة بالوظيفة، أي أنها المهارات التي تتعلق حصريًا بالوظيفة التي يسهل
تعريفها وقياسها.
المهارات الناعمة في المقابل هي مهارات داخلية ويصعب تعريفها وقياسها كونها تتضمن مهارات التواصل،
الاستماع، والتعاطف مع الآخرين، التفكير الإبداعي
وغيرها من الخصال الشخصية التي تساهم في نجاح العمل.
ورغم أنه يصعب تعلمها، كونها عادة ترتبط بخصال «فطرية» فإن كل شخص يعمل وبجدية؛ من أجل اكتساب
مهارة ما سيتمكن من اكتسابها في نهاية المطاف.
أرباب العمل حاليًا يبحثون عن أنواع محددة من المهارات الناعمة، لذلك إن كنت تملكها فحظوظك مرتفعة جدًا،
وفي حال لم تكن تملكها فلقد حان الوقت لتطوير الذات.
.
القدرة على التفاعل
٧٨٪ من أرباب العمل يبحثون عن موظفين يمكنهم العمل ضمن الفريق، وهذا ما يجعل هذه المهارة الأكثر
تفضيلًا. ومن أجل أن تتمكن من العمل ضمن الفريق يجب أن تكون منفتحًا، وتملك القدرة على التعاطف مع
الآخرين والأهم القدرة على التماهي معك.
أي أن على فريق العمل أن يشعر بأنك تملك خصالًا تشبه ما يملكونه، وإلا لن يتمكنوا من التواصل معك أو
الوثوق بك، المهارة الناعمة هذه تتطلب الاعتراف بنقاط ضعفك ومشاركتها مع فريق عملك لتسمح لهم
ولنفسك بالتعلم والتطور.
.
تجيد العمل بمفردك
من المهارات الناعمة التي يبحث عنها أرباب العمل حاليًا هي القدرة على العمل بمفردك، في بيئة عمل فيها
متطلبات كثيرة، مديرك لا يملك الوقت من أجل مراقبتك طوال الوقت للتأكد من أنك تقوم بما هو
مطلوب منك.ووفق استطلاع للرأي فإن ٦٥٪ من أرباب العمل يضعون أهمية كبيرة على هذه النقطة، لأنها
تعني أن الشخص يملك المحفزات الشخصية التي تمكنه من تطوير الذات وتحقيق النجاح.
الأمر هنا هو القدرة على إدارة الذات، فالدافع الداخلي الخاص بك هو مديرك الخاص، ومن ثم ستتمكن من إنجاز
المهام سواء تم الإشراف عليك أم لم يتم الإشراف عليك.
.
تحولك لقدوة للآخرين
القيادة من الخصال المرغوب بها وبشدة، لأنها غير متوفرة بشكل كبير في المرشحين الذين يتقدمون للحصول
على عمل. الأمر بطبيعة الحال يتجاوز إبلاغ الآخرين بما عليهم القيام به، بل تعني امتلاك القدرة على تحفيز
الآخرين حتى ولو لم تكن فعليًا في منصب إداري.
هذه المهارة الناعمة يمكن تحقيقها عبر توفير ردود فعل إيجابية حين يقوم أي زميل من الزملاء بعمل جيد،
التعاون مع الزملاء من أجل وضع أهداف للشركة، بحيث يكون هناك أهمية للأفكار والآراء الخاصة بهم.
المهارة هذه تساعد على بناء بيئة عمل صحية ما يزيد الإنتاجية.
.
مستمع جيد
المهارات الناعمة التي ترغب بها الشركات تتمحور حول التواصل الفعال، ولكن التواصل الفعال لا يعني فقط
الحديث، بل الاستماع أيضًا.
الاستماع الفعال يجعل جميع الأطراف المعنية بالحوار تشعر بأنه يتم الاستماع إليها وفهمها، وهذا الأمر أساسي
في حل النزاعات داخل بيئة العمل. هذه المهارة في الواقع تساعد أيضًا على التخلص كليًا من «أساس»
النزاعات في أي بيئة عمل، لأن سبب البيئات السامة هو واقع أن الغالبية لا تستمتع بفعالية لبعضها البعض.
الاستماع لا يعني فقط الصمت، بل يعني التفهم والتفكير والتماهي ما يعني القيام بردود أفعال تستند إلى ما
تم قوله، المهارة الناعمة هذه تتطلب مستويات عالية من النضج والقدرة على رؤية ما هو أبعد من
النتائج الآنية.
فالأمر يحتاج إلى أخذ الوقت من أجل فهم ما تم قوله فعليًا ثم البناء عليه وتقديم أفكار تتمحور حولها.
.
القدرة على الحسم
من أجل القيام بقرارات لها أهميتها عليك أن تملك الثقة بالنفس التي تجعلك تتأكد بأنك يمكنك بالفعل
حسم القرارات.
مديرك يعتمد عليك من أجل أن تملك صوتًا ورأيًا خاصًا بك، ومن ثم حين تكون من النوع المتردد الذي لا يعرف
كيف يحسم قراره فأنت لا تقوم بإضاعة وقتك فحسب بل بإضاعة وقت الآخرين.
أحيانًا، ونشدد على كلمة أحيانًا، اتخاذ قرار خاطئ أفضل بكثير من عدم اتخاذ أي قرار على الإطلاق.
وفي حال لم تكن تملك الثقة الكافية التي تمكنك من حسم القرارات فكل ما تحتاج إليه هنا هو امتلاك المعرفة
الكافية التي تمكنك من البناء عليها من أجل حسم هذا القرار أو ذاك بشكل صحيح.
.
تسير مع المتغيرات
بيئات العمل حاليًا تسير بسرعة قياسية، ومن ثم عليك أن تملك المرونة التي تمكنك من التأقلم مع التغيرات
بسرعة كبيرة.
مسار العمل، الإستراتيجيات والأهداف كلها تتغير بشكل دائم، لذلك إن كنت من الفئة التي لا يمكنها التأقلم
والسير مع التيار فحينها ستكون عقبة، المرونة هذه تعني أيضًا القدرة على التعامل مع شخصيات مختلفة،
ومن ثم مقاربات مختلفة لأداء المهام. كما هو معروف كل شخص ينجز الأعمال بشكل مختلف، ويجب أن يملك
الآخر المرونة التي تمكنه من التواصل مع هذه الاختلافات، ومن ثم التأقلم معها ورؤية الصورة كاملة فالأعمال
لن تنجز، بل سيكون هناك الممانعة والمواجهة.
وهذا لا يعني أنه عليك الصمت والسير مع التيار حين تملك وجهة نظر حول الطريقة المثالية التي يجب إنجاز
الأعمال وفقها، ولكن قبل القيام بذلك عليك فهم الرؤية التي يتم العمل وفقها ثم البحث عن الطرق التي يمكنك
المساهمة بتحسينها أو بتسريع العمل من أجل تحقيقها.