الأم.. البطل الأول في حياة الأبناء
Mar 21 2024 / الكاتبة/ إسراء خالد

الأم.. البطل الأول في حياة الأبناء

توصل أستاذ علم النفس بجامعة ريتشموند الأميركية البروفيسور سكوت تي أليسون إلى أن أكثر من 25% من الأميركيين يرون أن الأم هي البطل الأول في حياتهم، ويليها الأب بنسبة 16%.

واستدعى أليسون واحدًا من أهم الأبحاث العلمية التي بدأها عالم النفس الأميركي أبراهام ماسلو عام 1943؛ قبل أن ينشر نتائجها في كتاب أصدره عام 1954، يشرح فيه تصوره عن "التسلسل الهرمي للاحتياجات البشرية"، الذي يشتمل على 5 احتياجات؛ 4 منها بيولوجية أساسية تبدأ من القاعدة (احتياجات النقص)، وواحدة في قمة الهرم لتحقيق الذات الكاملة للفرد (احتياجات النمو).

وربط أليسون بين كون "الأمهات بارعات في مساعدة أطفالهن لتلبية المجموعة الأساسية من الاحتياجات الإنسانية كاملة"، وهي: التغذية، والسلامة الجسدية، والحب والعاطفة، والدعم النفسي والروحي؛ وبين "إفادات المشاركين في الاستطلاع"، بأن أمهاتهم بطلات في مساعدتهم على التقدم خلال المراحل المختلفة لنموذج ماسلو، "حتى لو لم يدركوا ذلك".

كما قال أليسون: إن الأم تطعمك وتحميك وتحبك وتساعدك على التواصل مع الآخرين وتشجعك على أن تقدم أفضل ما لديك.. موضحًا أنها بذلك تحقق بالضبط الوظائف الأربع المهمة للبطل، التي حددها علماء النفس، وهي:

-توفير الدفاع والحماية.
-تجسد الذكاء والحكمة.
-نموذج السلوك الأخلاقي.
-تعزيز النجاح والإلهام.

الأمهات في المقدمة
أشار أليسون إلى أن "علم البطولة النفسي" يساعد في تفسير سبب تخصيص كثير من الناس مكانة متقدمة في قلوبهم لأمهاتهم البطلات، حيث جاءت الأمهات في المقدمة في استطلاعه بسبب الحب المجاني الذي يقدمنه للطفل عندما يحتاج إلى دعم عاطفي، سواء بالعناق والاحتضان والمواساة، أو التقبيل قبل الذهاب إلى المدرسة، وعند النوم في الليل.

أضاف أنه من المؤكد أن هناك أمهات لا تنطبق عليهن هذه الأوصاف المثالية إلى حد ما، لكن لأن جميع المشاركين في استطلاعه على اختلاف فئاتهم ومستوياتهم الاجتماعية ذكروا أن الأمهات هن بطلاتهم، وأنهن يلبين احتياجاتهم بشكل أكثر فعالية من أي شخص آخر قابلوه في حياتهم.

يقول أليسون: "رغم أي عيوب، تأتي الأمهات في المقدمة"، لتصديهن لهذه المهام المصيرية الأربع:

١- الدفاع والحماية

في استعراضها للآليات النفسية للأمومة، وجدت الباحثة بجامعة ريتشموند ريبيكا إم فيشر أن الأمهات مدفوعات بيولوجيا لحماية أطفالهن ورعايتهم وتحفيزهم على النجاح. كما اكتشف باحثون آخرون في الجامعة نفسها أن أدمغة النساء تتعرض لإعادة تشكيل تستمر أكثر من عامين بعد الولادة؛ تساعدهن في الانتقال إلى مرحلة الأمومة، والاستعداد لحماية الطفل والدفاع عنه؛ فهذه الفترة التي تلعب دورًا مهمًا في حماية الطفل من الإجهاد، ومنحه التنظيم العاطفي، وفقًا لخبيرة الأمومة إيريكا كوميسار.

كما تكثر القصص المذهلة حول قيام الأمهات بإنقاذ أطفالهن وحمايتهم في أكثر الظروف صعوبة؛ فبينما يكون الهرب رد الفعل الفوري عند الشعور بأي تهديد، يكون الثبات هو رد فعل الأم لحماية أبنائها، كأن تغيرًا مفاجئًا ما يحدث في دماغها يجعلها مستعدة للتضحية بحياتها من أجل سلامة طفلها.

وأظهرت دراسة أن هرمون الحب (الأوكسيتوسين)، هو المسؤول عن ثبات الأمهات دفاعًا عن صغارهن، وأن التغيير الجذري في سلوك الأم من الدفاع عن نفسها إلى الدفاع عن أطفالها يعتمد على تأثير هذا الهرمون على الخلايا العصبية في اللوزة الدماغية (الأميغدالا)، المعروفة بدورها الحاسم في معالجة ردود الفعل العاطفية.


لذا جاءت تعليقات المشاركين في استطلاع أليسون حول سبب كون أمهاتهم بطلات من قبيل "والدتي كانت تحميني من المتنمرين في الحي"، و"أمي أبقتني في مأمن من الحيوانات المفترسة".

وعقب أليسون قائلًا: "لأن الأطفال الرضع هم الأضعف مقارنة بباقي الرئيسيات، كانت هناك أمهات يخاطرن بكل شيء لحمايتنا عندما نكون صغارًا".

٢- منح الذكاء والحكمة
بدأ العلماء الكشف عن أدلة تشير إلى أن الذكاء موروث غالبًا من الأمهات أكثر من الآباء، كما توصلت مراجعة بحثية نُشرت عام 2015 إلى أول دليل سلوكي وعصبي على أن تعليم الأم -وليس الأب- هو المسؤول عن التباين الفريد في ذكاء الأبناء في مرحلة البلوغ؛ ليس هذا فحسب، بل إن تعليم الأم هو المحدد الأكثر أهمية لقدرة الأطفال الإدراكية من تعليم الأب.


وبالإضافة إلى هذا الميراث الجيني، تميل الأمهات إلى الالتزام بنقل الحكمة إلى أطفالهن، كما يقول أليسون: "علمتني والدتي أن أهم الأشياء في الحياة هي أشياء غير ملموسة ولا يمكن شراؤها، مثل الحب والنزاهة والشخصية والصدق".. مُوضحًا أن الحكايات الأسطورية للرموز التاريخية تتضمن غالبًا شهادات بأن الأمهات كثيرًا ما كن مرشدات لأبنائهن عندما كانوا يحتاجون إلى التوجيه.

٣- التعزيز والإلهام
لم يفت المشاركون في استطلاع البروفيسور أليسون أن يذكروا كيف جعلتهم أمهاتهم أشخاصًا أفضل، حيث قال أحدهم: "ألهمتني والدتي أن أصبح أفضل ما يمكنني"، وقال آخر: "حفزتني والدتي على تطوير إمكاناتي الكاملة".
فالأم تفكر في عالم أطفالها وتريد الأفضل لهم، حيث إنها تشجعهم للوصول إلى النجوم، وتحقيق أقصى قدر من إمكاناتهم، كما تقول المديرة التنفيذية لفيسبوك شيريل ساندبرغ: "حملتني أمي -أنا وأختي- على الاعتقاد بأنه يمكننا فعل أي شيء، وصدقناها".

وفي بحثه حول البطولة، شبه أليسون "الوضع الوظيفي للأمهات" بقصص الأبطال على مر العصور، التي صُممت لتنشيط الناس وتحفيزهم ليصبحوا أشخاصًا أفضل.

٤- القدوة الأخلاقية
تقدم "الأمهات البطلات" عادةً النماذج الأخلاقية لكيفية التصرف بشكل سوي وفاضل؛ فعندما يشاهد الأطفال تضحيات أمهاتهم اليومية ونكران ذواتهن، فإنهم يتعلمون أداء الأعمال اللطيفة والتصرفات الأخلاقية مع الآخرين.

المصدر: مواقع إلكترونية.