حقوق الأبناء على الوالدين
حقوق الأبناء على الوالدين هي مجموعة من الحقوق التي تتعلق بحماية ورعاية الأطفال وتوفير الرعاية الكاملة لهم.
الحقوق هي كل ما يجب على الأفراد الحصول عليه لضمان حياة حرة وكريمة، ولا يمكن الحديث عن الحقوق بدون ذكر الواجبات، حيث يتكامل الاثنان ويتكاملان في بناء المجتمعات وتنميتها بطريقة صحيحة.
وتأتي الأسرة في مقدمة هذه المجتمعات، وتعد أساسًا في بناء الحضارات وتقدم المدن. لذلك، يجب على الآباء معرفة حقوق أبنائهم لتربية أسر بارة وذات أسس صحيحة، وهذا يساهم في تنشئة المجتمعات وتطويرها.
موضع الشريعة الإسلامية في حقوق الأبناء على آبائهم
الشريعة الإسلامية تميّزت بأنها أعطت لكل شخص حقوقه ووازنت بين تلك الحقوق، مع عدم إغفال أي حق، وشملت كل جوانب الحياة الإنسانية، ومن ذلك حقوق الآباء والأبناء التي وضحتها الشريعة الإسلامية بدقة، ومنعت العقوق من الآباء والأبناء، دون إفراط أو تفريط.
وروي عن عمر رضي الله عنه أنّ رجلًا جاء إليه بابنه فقال: "إن ابني هذا يعقّني، فقال عمر رضي الله عنه للابن: أما تخاف الله في عقوق والدك، فقال الابن: يا أمير المؤمنين، أما للابن على والده حق؟ قال: نعم، حقه عليه أن يستنجب أمه (يعني لا يتزوج امرأة دنيئة لكيلا يكون للابن تعيير بها) وحسن اسمه ويعلمه الكتاب، فقال الابن: فوالله ما استنجب أمي، ولا حسن اسمي، سماني جُعْلا، ولا علمني من كتاب الله آية واحدة، فالتفت عمر رضي الله تعالى عنه إلى الأب وقال: تقول ابني يعقني؟ فقد عققته قبل أن يعقك!".
هذه القصة تحكي عن حكمة وعدل الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه في التعامل مع شكوى رجل جاء بها إليه. وتعلمنا من هذه القصة عدة دروس وعبر، منها:
الأبناء لهم حقوق على آبائهم وأمهاتهم، ومن هذه الحقوق: العناية بهم والتربية الحسنة، وتعليمهم الخلق الحسن والعلم والدين.
عدم الوفاء بحق الابن على الأب والأم يؤثر سلبًا على نمو الابن وتربيته، ويمكن أن يؤدي إلى تدهور حاله وتعرضه للإعاقة النفسية.
الأبناء لا يتحملون مسؤولية الخطايا والأخطاء التي يرتكبها آباؤهم وأمهاتهم، ولا يجب أن يتعرضوا للتعيير بسبب ذلك.
الحكماء يتعاملون مع الشكاوى والمشكلات بحكمة وعدل، ويحاولون الوصول إلى الحقيقة وإيجاد الحلول العادلة والمناسبة للجميع.
التعليم والتربية الحسنة هي أساس نمو الإنسان وتطوره، ويجب على الآباء والأمهات الاهتمام بهذا الجانب والعمل على تحقيقه بكل الوسائل الممكنة.
حقوق الأبناء على الوالدين
اختيار الأم
يعتبر اختيار الأم الصالحة حقًا أساسيًا للأبناء، حيث تتميز الأم الصالحة بالخلق الطيب والأصل القويم، وتساعد زوجها على الالتزام بطاعة الله ورعاية شؤون دينه ودنياه، بالإضافة إلى دورها الرئيسي في تربية الأطفال وتعليمهم القيم الإسلامية السمحة.
ولتحقيق ذلك، ينبغي على الزوج اختيار زوجته بناءً على دينها وأخلاقها وإلخ من المعايير، مع التركيز الأساسي على الدين.
الاسم
يجب على الآباء اختيار اسم جميل وحسن لأبنائهم يناسبهم وينادون به، حيث يتم تمييزهم به ويصبح الاسم جزءًا من هويتهم. يعد الاسم رمزًا للفرد ولا يمكن فصله عنه، ويتم نداء الناس به في يوم القيامة.
ويجب تجنب الأسماء القبيحة؛ لأنها قد تؤثر على ثقة الأبناء بأنفسهم، وتؤثر في التفاعل والتكامل مع المجتمع المحيط بهم.
التربية الإيمانية
يجب على الآباء تربية أبنائهم بتربية إيمانية صالحة وقائمة على الآداب الرفيعة والأخلاق الحميدة، ويجب أن تتضمن هذه التربية العلاقة مع الله ورسوله ودينهم ومجتمعهم.
ويجب أن يتعلموا طرق التصرف الصحيحة في الأمور اليومية مثل الأكل، والشرب، والنوم، واللباس، بالإضافة إلى تجنب إيذاء الآخرين والابتعاد عن الأخلاق السيئة، مثل: قلة المروءة، والبخل، والجبن؛ لأن هذه التربية ستساعد الأبناء على بناء شخصية متميزة وإيجابية تتميز بالتقوى والتعاون والترحم على الآخرين.
الدعاء لهم
إنه من الواجب على الآباء أن يتعاملوا مع أبنائهم بلطف ولين، وأن يدعوا لهم بالتوفيق والسعادة، وأن يتجنبوا الغضب عليهم في حال أخطأوا، حيث إن تصرفات الآباء السيئة تجاه أبنائهم لا يمكن أن تبرر أي تقصير في حقوق الأبناء من الآباء.
التعليم
الآباء يجب عليهم أن يوجِّهوا أبناءهم نحو العلم ويجعلوا منه هدفًا أساسيًا في حياتهم، وأن يشجِّعوهم على الحضور إلى مجالس العلم والتعلُّم من الخبرات والمعارف الجديدة، ويتحمَّلوا مسؤولية توفير النفقات اللازمة لهم خلال فترة تعليمهم، بالإضافة إلى توفير كل الاحتياجات الضرورية لحياتهم اليومية سواءً كانت مادية أو معنوية، كما يجب عليهم نصح أبنائهم بأن يختاروا الأصدقاء الذين يساعدونهم على النمو والتطور، ويبتعدوا عن الأصدقاء الذين قد يؤثرون سلبًا عليهم.
النفقات
يحق للأبناء أن يتلقوا من آبائهم الدعم المالي الكافي لتلبية احتياجاتهم، ويجب على الآباء عدم التقصير في هذا الشأن إذا كان بمقدورهم توفير ذلك، ولا يجب أن تتوقف هذه الدعم عند سن معين، بل يجب على الآباء تقديم الدعم المادي لأبنائهم حتى وإن كانوا كبارًا في العمر وغير قادرين على تلبية احتياجاتهم بسبب الفقر أو المرض أو ظروف أخرى.
كما يجب على الآباء تسهيل زواج أبنائهم وعدم إجبارهم على الزواج من شخص لا يريدونه، يجب أن ينصحوهم ويوجهوهم لاختيار الشريك الصالح والمتوافق معهم في الحياة، والذي يمكن أن يساعدهم في تجاوز الصعاب التي قد تواجههم في الحياة.
التوجيه للخير
يجب على الآباء أن يوجهوا أبناءهم إلى الخير، ويعاملوهم بلطف واحترام، ويعززوا شعورهم بالكرامة، وأن لا يطلبوا منهم القيام بأفعال تغضب الله، وأن يمتنعوا عن تحريضهم على قطع رحم الأقارب أو الإساءة للآخرين، وغير ذلك من الصفات السيئة.
العدل بين الأخوة
ينبغي على الآباء الاعتدال في تعاملهم مع أبنائهم، وعدم التفريق بينهم أو تمييز أحدهم عن الآخر بسبب الجنس أو غيره، بل يجب أن يرعوا أبناءهم بمساواة وعدالة وتعزيز روح المحبة والتآخي بينهم، حيث إن التفريق بينهم يمكن أن يؤدي إلى حدوث صراعات وكره وحقد بينهم.
في الختام
وضع الإسلام حقوق الآباء تجاه أبنائهم منذ ولادتهم، وذلك لتنظيم العلاقة بينهما، وتم تضمين هذه الحقوق في نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.
إن حرص الآباء على تربية أبنائهم يؤدي إلى صلاحهم وبالتالي صلاح المجتمع، مما يجلب المنافع للأبناء ويدفع الضرر عنهم، وهذا يؤثر بدوره على المجتمع الذي يعيشون فيه.
ويجب على الآباء فهم احتياجات الابن وتلبيتها بما يتوافق مع عمره، وبما يحقق صحته النفسية، والجسدية، والأخلاقية، والتربوية.
المصدر: فلذاتنا.